من جديد المدنيّين في سورية الورقة الأسهل للضغط من قِبَل الأطراف المتحاربة، عشرات العائلات المدنية في الأقبية بدون توفّر أدنى شروط الحياة، خوفاً من القصف المكثّف الذي لم يهدأ منذ فشل اتّفاق التفاوض القاضي بخروج تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة الجنوبية (مخيّم اليرموك، الحجر الأسود)
فمع فشل التفاوض تجدّد القصف على المنطقة الجنوبية بتاريخ 19نيسان 2018 وكان أعنف من ذي قبل، وباستخدام جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والطائرات والمروحيّات، وسجّل أكثر من 60 غارة حتى فجر يوم الجمعة 20 نيسان.
تركّز قصف المخيّم على شارع المغاربة وشارع العروبة اللذان يضمّان أكثر كثافة سكانية من المدنيين المتبقّين في مخيّم اليرموك، وقد أدى هذا القصف إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، وسقوط العشرات من الجرحى، كما أدّى القصف إلى تدمير أجزاء كبيرة من مشفى فلسطين، وخروجه نهائياً عن العمل، ومَقتَل المسعِف سميح حميد. وترافق القصف مع محاولات لاقتحام المخيّم من قِبَل قوات النظام وميليشياته، من ناحية حيّ التضامن.
كما أن هذه الحملة العسكرية ترافقت بسقوط العديد من القذائف على مناطق سيطرة النظام السوري، وبشكل خاصّ حيّ التضامن، ممّا أدّى إلى سقوط العديد من الضحايا والجرحى، فاضطرّ العديد من العائلات للنزوح خارج الحيّ.
إن الوضع الحالي في المنطقة الجنوبية يهدّد حياة الآلاف، ففي مخيّم اليرموك وحدها (التي تبلغ مساحتها 2 كيلومتر ) هنالك ما يقارب من 12 ألف مدني، نصفهم من اللاجئين الفلسطينيين، خاصة مع وجود أقبية غير مجهّزة ولا تصلح كملاجئ، هذا إن توافرت، فضلاً عن أن الأبنية عموماً متضرّرة بشكل كبير من الهجمات التي تعرّضت لها منذ بدء الحركة الاحتجاجية، ما يجعلها شديدة الخطر على المدنيين الموجودين فيها.
ما يحدث في جنوب دمشق يكاد يرقى لأن يكون “جريمة حرب” بحسب ما ورد في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في 17تموز 1998، والذي نصّت المادة الثامنة فيه البند (ب) على أن تعمّد توجيه هجمات ضدّ المدنيين أو المواقع المدنية التي لاتشكل اهدافا عسكرية، أو الهجوم على المنشآت المستخدمة في مهمّات إنسانية وموظّفيها يُعَدّ جريمة حرب.
نحن في المنصّة المدنية السورية ندين بشدّة العنف المُمَنهج والقصف الوحشيّ على المنطقة الجنوبية، ونُعرِب عن قلقنا من تكرار حملة مشابهة للحملة العسكرية على الغوطة.
كما نطالب بتحرّك عاجل لتحييد المدنيين عن القصف، وعدم اتّخاذهم أوراق ضغط من قِبَل الأطراف المتحاربة.
ونطالب بفتح معابر إنسانية بأقصى سرعة، والسماح للفرق الطبّية الإغاثية بالدخول، وعدم الضغط على سكان المخيّم للخروج منه، كما حصل في مناطق اخرى، كما ندعو لإخلاء عاجل للحالات الطبّية الحرجة لتلقّي العلاج.