هذا التقرير هو الخامس من ضمن سلسلة تشكّل بمجملها الملفّ الإنساني الذي عملت عليه المنصّة المدنيّة السوريّة. حيث تم جمع البيانات من خلال إجراء مشاورات مع قرابة 3500 من السوريّين خلال الفترة الممتدّة من تشرين الأول 2017 وحتى أيّار 2018.
ملخّص تنفيذيّ:
تعدّ قضية النازحين واللاجئين في سورية إحدى أهمّ مفرزات الصراع الدائر على الأرض السورية بما تمّ وصفه أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث قدّرت أعداد النازحين داخلياً ب 6.6 مليون شخص، وعدد اللاجئين 5.4 مليون، أي ما يعادل نصف سكان سورية.
عملت المنصة المدنية السورية على إجراء مشاوات حول قضية النازحين واللاجئين، من ضمن التحضيرات للملف الإنساني؛ الذي يعمل على تسليط الضوء على الموضوعات الأكثر أهمية والتي تمس حياة السوريين.
حاولت المنصة المدنية السورية من خلال هذا التقرير استقصاء آراء النازحين واللاجئين حول أسباب نزوحهم ولجوئهم، وظروفهم المعاشية والتحديات التي يواجهونها، ومدى تضمين قضيّتهم بالمفاوضات من وجهة نظرهم، واستقصاء آرائهم حول الظروف المثلى لعودة النازحين واللاجئين، بالإضافة لرأيهم بأدوار المجتمع المدني.
استند التقرير إلى (304) جلسة نقاش مجتمعية مركّزة أجريت بين تشرين الأول 2017 وأيار 2018 في تسع محافظات سورية (دير الزور، والرقة، والحسكة، وإدلب، وحمص، وريف دمشق، ودرعا، والقنيطرة، والسويداء، يُضاف إليها جلسات تم إجراؤها مع السوريين في دول اللجوء: تركيا، والأردن، ولبنان، وكردستان). شارك في هذه الجلسات (3376) شخصاً، منهم (1580) من النساء بنسبة 46.6%. أمّا المشاركون من المنظمات المدنية فبلغ عددهم (705) شخص.
بناءً على المشاورات تم التوصل إلى عدد من الاستنتاجات:
فيما يخصّ النازحين:
- لاتزال المعارك، والقصف المستمرّ، وخاصة من قوات النظام السوري من الأسباب الرئيسية التي تغذّي النزوح في كل المناطق السورية. بالإضافة لانتهاكات المجموعات المسيطرة الأخرى، فيما يتعلق بالاعتقالات المستمرّة، أو محاولات فرض أيديولوجيّتها على ىالسكان، أو محاولات التجنيد للشباب.
- الإيقاف الفوري لإطلاق النار، والبدء بمسار حلّ سياسي، هما الخطوة الأولى لعودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم.
- مارست كل الأطراف المسيطرة انتهاكات فيما يتعلّق بوضعية النازحين في مناطق سيطرتها، ولم تراعِ الحقوق الأساسية الأولية للنازحين داخلياً.
- هنالك شبه إجماع أن قضية النزوح واللجوء غير مطروحة في التفاوضات التي تحصل على كل المستويات.
- المشكلات الاقتصادية، والحصول على الحدّ الأدنى للمعيشة هي الأولى التي تشغل بال النازحين في المناطق السورية المختلفة.
فيما يخصّ قضية اللاجئين:
- إن التدفّق الهائل للاجئين السوريين إلى بلدان الجوار، ساهم في إحداث أزمة اقتصادية واجتماعية للدول المضيفة والتي تعاني أصلاً من أعباء اقتصادية قبل وجود أزمة اللجوء.
- عملت الدول المضيفة على استثمار قضية اللاجئين السوريين لأهداف سياسية، أو لأهداف جلب التمويل من المنظمات الأممية.
- غالباً لم يكن هنالك سياسة استضافة واضحة بما يخصّ اللاجئين، وعدم وجود قوانين ناظمة لوضعيّتهم، ما يجعل الأعباء على طالبي اللجوء السوريين مضاعفة.
- العديد من البلدان التي لجأ إليها طالبو اللجوء لم تراعِ أدنى الحقوق فيما يتعلّق بوجود اللاجئين على أراضيها وفي بعض الحلات انتهكت هذه الحقوق، والمنصوص عليها في اتفاقية 1951 الخاصة بوضعية اللاجئين وفي مواثيق حقوق الإنسان الدولية، وإنما ساهمت سياساتها بتعزيز النزعات العنصرية تجاه اللاجئين.
- غالباً ما كانت تُطرح قضية اللاجئين في المحافل الدولية في إطار مصالح الدول المضيفة، أو الدول التي تخشى من تزايد عدد اللاجئين إليها، وليس في إطار مصالح اللاجئين؛ ما جعل الحلول المطروحة تعالج قضية اللاجئين عن طريق اتفاقات تُوقِف تدفّق الفارين من الحرب عبر الحدود، وعدم العمل الجدّي لإيجاد حلّ سياسي عادل يعمل على إيقاف الحرب، ويفضي إلى كبح جماح اللجوء، وإعادة من خرجوا؛ بإرادتهم إلى مناطقهم.