١٤ حزيران ٢٠٢٠

بقي الشّمال الغربيّ من سوريا بمعزلٍ عن انتشار فيروس كورونا فيه لوقتٍ متأخّرٍ، حتّى التّاسع من شهر حزيران ٢٠٢٠، والذي سُجّلت فيه إصابة أربعة أشخاصٍ، بينهم أطباءٌ. الأمر الذي شكّل رعباً حقيقيًّ لدى سكاّن الشّمال الغربيّ، الذي يضمّ ما يقارب من 4 ملايين نسمةٍ في رقعة أرضٍ ضيّقةٍ، نصفهم يعيشون في مخيماتٍ وتجمعاتٍ عشوائيّةٍ على الشّريط الحدوديّ مع تركيا، بلغت الكثافة السّكّانيّة في الكيلو متر المربع الواحد ما بين 60 إلى 70 ألف نسمةٍ، كما ويعيش داخل كلّ خيمةٍ ما بين 6 إلى 12 فرداً.

تمّ تسجيل أول إصابةٍ بتاريخ 9/7/2020 لأحد الكوادر الطّبّيّة العاملة في مشفى باب الهوى القريب من الحدود السّوريّة التّركيّة، ومن ثمّ الإعلان عن إصابتين أُخريين مخالطتين للإصابة الأولى، الأمر الذي أحدث إرباكاً وخوفاً لدى الكادر الطّبّيّ العامل ولدى السّكّان هنالك، نظراً لضعف البنيّة التّحتيّة للقطاع الطّبّيّ عموماً، والتّجهيزات لمواجهة الفيروس المستجدّ خصوصاً، إذ لا يوجد إلا ثلاثة مراكز عزلٍ جاهزةٍ، وحالياً يتمّ العمل على تجهيز 15 مركزاً حسب مديرية الصّحة في إدلب الحرّة. فضلاً عن اهتلاك البنيّة الأساسيّة، والاكتظاظ السّكّانيّ، والفقر المدقع، كلّها عوامل تسهم في جعل الحدّ من انتشار الفيروس عبر الإجراءات الوقائيّة أمرٌ شبه مستحيلٍ.

يقول أبو محمد (نازحٌ من خان شيخون وأحد القاطنين في مخيمات الكرامة القريبة من مدينة قاح):

تعرّضت بنتي اليوم للاستهزاء  ضمن القاعة الامتحانيّة لإنها عطست داخل القاعة صاروا البنات يخوفوها ويقولوا لها لا يكونك مكورنة  (أيّ مصابة بالكورونا) طلبت المراقبة من ابنتي أن تعزل نفسها عن الأهل وأعطتها بعض إرشادات التّوعوية للوقاية من الفيروس، نحنا 8 أشخاص عنا خيمة وفسحة صغيرة قدامها ما قدرنا نوسعها منذ سكننا فيها في بداية 2013، كيف رح تعزل حالها، وكيف بدها تتخذ إجراءات الوقاية نحنا المي ما بتضخ لمخيمنا إلا مدّة 20 دقيقة في الصباح الباكر  هاي المدّة ما تكفي لنعبي برميلين مي يعني يا دوب تقدي (يقصد هنا لا تكفي) جلي وشطف وحمام للولاد خاصّة الدّنيا صيف، وإذا بدنا نغسل كلّ شوي نحنا 8 وإذا بدنا نشتري معقّمات ومطهّرات وصابون وهيك أشياء  منشحد أكثر مانا عم نشحد أنا عامل كلّ النّهار ما بطالع 5000 ليرة سوريّة يادوب يقدو قد لقمة الأكل  العالم الله يساعد منين أجتنا كورونا ما بعرف هربنا من القصف يا أخي مامتنا من القصف خفنا نموت من الجوع بعد نزوحنا لهون هلق صار خوفنا كمان من كورونا يا أخي رجعونا ع بلادنا هناك إذا متنا بكورونا بكون متنا بأرضنا وبيتنا”.

كما تشير السّيّدة نجاح؛ التي تعيش مع أطفالها الخمسة في أحد مخيمات أطمة للنازحين/ات في شمال غرب سوريا، منذ 6 سنواتٍ عن مخاوفها والقلق الشّديد الذي تعيشه مع أقاربها وجيرانها ضمن مخيم النّزوح بعد ورود خبر تسجيل عدّة أصاباتٍ بفيروس كورونا في المشفى القريب من مخيمهم، وتقول:

“أنا أشعر بخوفٍ شديدٍ ورعبٍ على أسرتي وأحاول منع أطفالي من الخروج والاختلاط، ولكن لا أستطيع التّحكّم بهم بسبب الحرّ الشّديد وعتمة الخيمة وضيق المكان على عائلة كبيرة في ظروفٍ معيشيّةٍ صعبةٍ نعيشها منذ فترةٍ وتراجع نسبة المساعدات للموادّ الأساسيّة التي كانت متوفّرة لحد ما و لا نعلم سبب فقدان جزءٍ كبيرٍ منها، كما أضافت كيف لنا أن نحمي أنفسنا وأطفالنا من ذلك الوباء المعدي هل يكفي توزيع المناشير وطرق الوقاية من الفيروس فقط، ونحن اليوم بأمسّ الحاجة للمنظفات والمطهّرات والموادّ الوقائيّة. وكيف لي أن أطعم أطفالي وأحميهم مع غياب زوجي الذي انتقل للعيش في تركيا منذ فترةٍ لمحاولة العمل وتأمين بعض الاحتياجات اليوم كلّ شيءٍ مفقود، والأسعار جداً غالية مع انهيار العملة السّوريّة ووضعي اليوم يشبه مئات الأسر النّازحة في المخيمات والمنطقة التي أغلب سكّانها من النّساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصّة من المسنّيّن ومصابي الحرب كما وختمت السّيّدة نجاح بطلب المساعدة وإيصال صوتها إلى المنظّمات المحليّة والدّوليّة لتقديم الدّعم وحمايتهم من خطر انتشار فيروس كورونا”.

تُدرك المِنصّة المدنيّة السّوريّة خطورة انتشار الفيروس المستجد في شمال غرب سورية، وتدقّ ناقوس الخطر لما قد يتسبّب بالقضاء على مئات الألاف من السّكّان في ظلّ وجود عوامل لا تساهم في الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وأيضاً تهالك القطاع الطّبّيّ بفعل الحرب والاستهداف. وتُناشد المِنصّة المدنيّة السّوريّة المجتمع الدّوليّ للتحرك بشكلٍ فعّالٍ، لمواجهة انتشارٍ محتملٍ للفيروس في المنطقة، من خلال:

  • الدّفع لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ، يقضي بإعادة النّازحين/ات إلى مناطقهم ضمن حمايةٍ دوليّةٍ وضماناتٍ تحمي حياتهم.
  • تسهيل حركة مرور المساعدات الطّبّيّة والوقائيّة عبر المعابر الحدوديّة ومنح تصاريح خاصّةٍ للمنظّمات الإنسانيّة بحرّيّة التّنقل والحركة وتقديم المساعدة.
  • تخصيص مساعداتٍ عاجلةٍ حول أجهزة الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس كورونا، وتأمين الموادّ الوقائيّة.
  • تجهير مراكز طبّيّة خاصّةٍ بمصابي فيروس كورونا يشرف عليها كادرٌ متمكّنٌ بطبيعة التّعامل مع المصابين/ات.
  • دعم المنظّمات الإنسانيّة وزيادة حجم المساعدات الطّبّيّة والوقائيّة للمشافي والمستوصفات الصّحيّة.
  • العمل على التّخفيض الفوريّ للازدحام في مخيمات النّزوح من خلال توسيع المخيمات أو إنشاء مخيماتٍ جديدةٍ.
  • تأمين المنظّفات والموادّ الوقائيّة مع المياه الكافية، وزيادة عدد دورات المياه العامّة في المخيمات والتّجمعات العشوائيّة.
  • تقديم الدّعم الكافي على جميع المستويات والمراقبة الجيّدة للمخيمات تحت إشرافٍ دوليٍّ وبمساعدةٍ محليّةٍ.