عُمَر طفل ذو أحدَ عشرَ ربيعاً يضطرّ للعمل في الأردنّ لإعالة أسرته، يقول: “كنت أتمنّى أن أكون مع أصدقائي في المدرسة؛ ولكن والدي مريض، وأمي تقول إن مستقبلي هو في العمل وليس في الدراسة، وأختي الصغيرة لديها إعاقة بسيطة، ولا تستطيع الذهاب إلى المدرسة بسبب المواصلات، ولعدم وجود نقود معنا، لذلك أعمل أنا بالإضافة إلى عمل والدي؛ لكي نستطيع تأمين ما يلزمنا من علاج لأختي الصغيرة ولنعيش”.

حال الطفل عمر يشبه حال ما يقارب من ١١ألف[1] طفل سوري يعيشون في الأردنّ.[2] حيث لم تحم ِالقرارات والاتّفاقيات والتشريعات المحلية والدولية التي تمنع وتجرّم استغلال الأطفال في العمالة المبكّرة، لأسباب متعلّقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردّي للأُسر السورية في الأردنّ، وعدم وفاء  المنظمات الإنسانية للاحتياجات الأساسية الضرورية للأُسَر.

  • ففي ظلّ هذا الوضع المتردّي أصبح الطفل السوري في الأردن يتحمّل عبئاً مضاعفاً كطالب لجوء أولاً، و كعامل ثانياً وكمسؤول عن أسرة ثالثاً، و في غالب الأحيان يتمّ إلحاق الأطفال بأعمال لا تتناسب وأعمارهم الجسدية (كالحدادة والنجارة والبناء والزراعة) وتضرّ بالنمو البدني والعقلي والاجتماعي للطفل. وغالباً ما تكون ساعات العمل طويلة والأجور متدنّية جداً.
  • والسبب الآخر الذي يُعدّ إشكالية، ويؤثّر على ظاهرة عمالة الأطفال هو التعليم: حيث يشكّل الالتحاق بالتعليم في الأردنّ إحدى المشكلات الأساسية للأطفال السوريين، على الرغم من إصدار الحكومة الأردنية (ممثّلةً بوزارة التربية والتعليم) تعليمات بقبول أي طفل لاجئ سوري في المدارس الحكومية دون التقيّد بالأوراق الثبوتية الرسمية. إلا أن هذا لقرار جاء مشروطاً بأن يسوي ذوي الطفل وضعهم القانوني بمدة لا تتجاوز ستة أسابيع، وهي فترة غير كافية رغم محاولة العوائل السورية العمل على هذا الموضوع منذ عدّة سنوات، والسبب خروجهم من المخيّمات بطرق غير قانونية، ونقصد هنا الكفيل الأردني او التسرّب من دون الحصول على أوراق ثبوتية أولاً وأوراق الخروج القانونية ثانياً، وهذا كله يُعدّ مخالفاً للقوانين الأردنية، ممّا يصعّب عملية تسوية وضعة واستخراج الأوراق اللازمة للأطفال التي تخوّلهم الالتحاق بالمدارس، لأنهم مسجّلون على لوائح المخيّمات ومدارس المخيّمات، ولذلك قبولهم أصبح صعباً في المدارس الأردنية خارج المخيّمات وضمن المدارس الأردنية، ولهذا السبب نجد أن نسبة الملتحقين بالمدارس منذ اتخاذ وزارة التربية القرار آنف الذكر لم تتجاوز (1%) من نسبة الأطفال المتسرّبين من المدارس.
  • يضاف إليها أن منظمة اليونيسف، خططها ومشاريعها، لتجنّب عمالة الأطفال وإلحاقهم بالمدارس، لاتزال قاصرة عن تحقيق المرجو منها، فمثلاً التعاون مع منظمات التعليم غير النظامي للمتسرّبين لن يؤهّل الطالب للالتحاق بصفوف عليا تنتهي بالجامعات؛ هو يقتصر على محو أمية القراءة والكتابة، كما أن اشتراط اليونيسف أن تكون المسافة المطلوبة بين بيت الطفل ومدرسته ٣ كيلو متر حتى تقدّم له بدل مواصلات؛ يعدّ شرطاً مجحفاً بالأطفال الذين يضطرّون للسير ٢ كيلو متر للوصول إلى أقرب مدرسة.
  • يضاف إلى هذه الأسباب، عدم تدريب الكادر التعليمي على التعامل مع حالات العنف نتيجة اكتظاظ الصفوف بالطلاب، بالإضافة إلى أن دراسة للبنك الدولي قالت أن 70% من الطلاب السوريين يتعرّضون للتنمّر والإساءة اللفظية، وهو ما دعا الأطفال للتسرّب حفاظاً على سلامتهم وحفظ كرامة الذات.

التوصيات

1-تعميم برنامج الدعم المالي المقدّم من اليونيسيف للتلاميذ السوريين الملتحقين بالتعليم الأساسي.
2-الضغط على وزارة التربية لتمديد فترة الحصول على الأوراق الثبوتية من 6 أشهر إلى عام كامل.
3-متابعة ورصد عمالة الأطفال وتوثيق الحالات ومناقشتها مع اليونسيف لتعالجها مع الحكومة الأردنية.
4-متابعة عمالة الأطفال مع وزارة العمل للمراقبة والمحاسبة في حالات تشغيل الأطفال من اصحاب المصالح والمهن.


[1] – بحسب إحصائية أجرتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العدل الأردنية، ومركز الدراسات الإستراتيجية.
[2] – يتواجد في الأردنّ ما يقارب من (660) ألف لاجئ المسجلين منهم.

يمكنكم تحميل التقرير بصيغة PDF من هنا