لم يكد يغيب عن أذهان السوريين ما فعله تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2015 في قرية المبعوجة بريف حماة، ذات الأغلبية الإسماعيلية، حتى عاد ليتكرّر المشهد من جديد لكن في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، والفارق هذه المرة أن دخول عناصر التنظيم المتشدد جاء مترافقاً مع (انتصارات) لقوات النظام السوري وحليفه الروسي على التنظيم المتشدّد في جنوب سورية.
حيث قامت مجموعات من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فجر الأربعاء الموافق في 25 تموز2018؛ بعدة عمليات في محافظة السويداء:
- العملية الأولى كانت في قرى المحافظة الشرقية، قامت مجموعة من تنظيم الدولة بالتسلل إلى قرى (الشبكي، الرشيدي، الشريحي، غيضة حمايل، دوما، طربا، رامي)، وارتكاب مجازر طالت السكان المدنيين، وسط غياب لقوات النظام السوري، ما دفع بشباب المنطقة للدفاع عنها بأسلحتهم الفردية، الأمر الذي اضطر عناصر التنظيم المتسللين إلى الانسحاب مصطحبين معهم عدد من الرهائن من المدنيين بينهم نساء وأطفال من قرية الشبكي والشريحي والانسحاب شرقا تجاه أماكن تمركزهم.
- وبنفس التوقيت قامت خلايا أخرى نائمة للتنظيم كانت متواجدة في منطقة اللجاة (الحدود الشرقية الغربية لمحافظة السويداء) بالتسلل إلى قريتي (المتونة والسويمرة) الواقعتين على طريق دمشق السويداء والمحاذية شرقاً لمنطقة اللجاة، وارتكاب مجزرة استهدفت المنازل النائية وقتل عدد من الأسر، من ضمنها أسرة نازحة الى المحافظة،
- كما ترافقت هاتين العمليتين بقيام ثلاثة انتحاريين من عناصر التنظيم بتفجير أنفسهم في أحياء سكنية وأماكن تجارية في مدينة السويداء، وتمّ إحباط محاولتين لانتحاريين آخرين حاولا فتح أحزمتهما الناسفة من قبل مدنيين.
- كما تم توارد أنباء عن إحباط ثلاثة محاولات لانتحاريين حاولوا تفجير أنفسهم في المشفى الوطني، قام الأهالي بالتصدي لهم وقتلهم.
- وتشير مصادر إلى أن المعارك استمرت في قرية الشبكي حتى الساعة الثامنة من مساء يوم 25 تموز بين مسلحي التنظيم وأهالي المنطقة.
- الحصيلة الأولية لهذه العمليات، 221 ضحية، و176 جريح، جلهم من المدنيين، بالإضافة إلى 40 رهينة مدنية (من قرية الشبكي) تم سحبهم إلى أماكن تواجد التنظيم في البادية الشرقية.
- كما أدّت هذه العمليات إلى موجة كبيرة من النزوح للأهالي معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن من هذه القرى باتجاه المناطق الأكثر أمناً، والبعيدة نسبياً ضمن المحافظة.
ردود فعل السكان المحليين:
- يشير العديد من سكان المحافظة بأصابع الاتهام إلى النظام السوري بالتقصير عن حماية المحافظة من التنظيم المتشدّد، إذ بعد اتفاق التسوية الذي حدث بين النظام السوري وتنظيم الدولية في الحجر الأسود وجنوبي دمشق والذي قضى بنقل عناصر التنظيم إلى البادية الشرقية، وهو ما تم بالفعل، حيث تم نقل 1220 مسلحاً للتنظيم خلال الفترة من 19 نيسان و 3 أيار2018 باتجاه بادية السويداء الشرقية، وهو ما شكل حالة قلق لدى السكان المحليين الذين طالبوا مراراً بضرورة تعزيز نقاط الجيش على هذه الشريط لصد أي هجوم محتمل، الأمر الذي لم يلق أي استجابة من قوات النظام السوري؛ بل على العكس قامت ميليشيات محلية متحالفة مع النظام قبل ثلاثة أيام بسحب الأسلحة الفردية التي كانت قد وزعتها على الأهالي منذ بدء الأحداث.
- كما يذكر أن هنالك حراك روسي في محافظة السويداء منذ ما يقارب من الشهر مع وجهاء المحافظة ومشايخ العقل بهدف الضغط عليهم لتجنيد الشباب الذين لم يلتحقوا في الخدمة الإلزامية في فرق عسكرية تتبع للروس كما الفيلق الخامس، وبهدف سحب السلاح الفردي من البيوت.
إن استمرار الوضع بدون اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين؛ يضع المنطقة أمام:
- تكرار قيام مسلحي التنظيم بهذه العمليات بشكل أوسع وأعنف، ما ينذر بارتكاب مجازر أخرى بحق سكان هذه المنطقة.
- احتمالية اشتعال فتنة طائفية واقتتال بين الموحدين الدروز من جهة، وبين عشائر البدو (سكان المنطقة) والنازحين في محافظة السويداء من جهة أخرى.