معاناة اللاجئين واللاجئات السّوريين في لبنان

١٤ نيسان ٢٠٢٠

تُعدّ لبنان من البلدان الّتي سجّلت ما يقارب من 609 حالة إصابةٍ، وما يجعل لبنان من البلدان المهدّدة بتفشي الفيروس بشكلٍ كبيرٍ هو تهالك القطاع الصّحيّ والضّعف في وجود المعدات الطّبّيّة من أجهزة تنفسٍ صناعيٍّ، فضلاً عن معدات الوقاية للكادر الطّبّيّ، وهذا سينعكس بشكلٍ أكبر على اللاجئين الّذين يبلغ عددهم ما يزيد عن مليون لاجئٍ؛ يعيش ما يقارب ٧٠٪ منهم في مخيماتٍ عشوائيّةٍ غير منظّمةٍ مقامةٍ على أراضٍ زراعيّةٍ، تفتقر لأدنى مقومات الحياة لافتقارها الماء الصّالح للشرب وخدمات الإصحاح. فضلاً عن أنّ هذه المخيمات مكتظةٌ بالسّكّان حيث تعيش في الخيمة الواحدة عائلتان، وبعض الخيم تضمّ أكثر من عائلتين.

قامت الحكومة اللّبنانية باتّخاذ مجموعةٍ من الإجراءات بدأت بحظر التّجوال، وإغلاق المدارس والجامعات وأماكن التّجمع، ومن ثم إغلاق الأسواق والمحلّات التّجاريّة عدا المحلّات الغذائيّة والمخابز والصّيدليّات على أن يتمّ اتّخاذ الإجراءات الوقائيّة. كما اتّخذت البلديات بعض الإجراءات بتقديم دعمٍ بإجراءات الوقاية، ولكن تواردت أنباءٌ نقلاً عن مسؤولين في بلدياتٍ في البقاع، بأنه لم يتمّ تخصيص مساعداتٍ لهم من قبل الحكومة، وحتّى لو تمّ ذلك لا يوجد مساعدات كافيةٍ لتغطية الاستجابة إلا للسكّان اللّبنانيين، والّتي لن تغطي احتياجاتهم أصلاً .

وتمّ اتّخاذ قراراتٍ من قبل البلديات بعدم السّماح للاجئين بالخروج من المخيمات حتّى ضمن الأوقات المسموح التّنقل فيها، و سمحت كلّ بلديةٍ لشخصٍ واحدٍ من المخيم بابتياع الحاجات لكامل المخيم، وبهذه الخطوة أصبح المخيم أشبه بالسّجن.

أما نشاط المنظّمات الإنسانيّة، فهو متوقفٌ لمدّةٍ تزيد عن ثلاثة أسابيعٍ، وهذا وبالتّزامن مع الإغلاق التّام للمخيمات، وإيقاف أعمال اللاجئين ممن كانوا يعيلون أنفسهم وعوائلهم، أدّى إلى أزمةٍ إنسانيّةٍ في الحصول على الحدّ الأدنى من الطّعام داخل المخيمات، فضلاً عن عدم وجود موادّ تعقيمٍ ومنظّفاتٍ حيث ارتفع ثمنها كثيراً بعد الحجر ( وصلت إلى ٤٠٠٪ لبعض الموادّ) بحيث لم يعدّ  للاجئين القدرة على شرائها.

      تقول ا.ع لاجئةٌ منذ 6 سنواتٍ في لبنان: “اتزوجت وصار عندي بنت صغيرة عمرها 6 شهور كنت اشتغل بمحل موبايلات وإلنا شي شهر ونص المحل مسكر هلق رجع فتح بس نص دوام سمحو نفتح من9 الصبح ل 2 الضهر ورح آخد نص راتب يعني 120 ألف ليرة ومع طلعة الدولار صارو قلال كتير وما بيعملو شي وجوزي كمان مشوه من الشغل وما عنا شي نصرف منو غير هالمبلغ الصغير وعنا أجار خيمة وحليب وحفوظات وأكل وشرب وهلق جاي رمضان والظروف ضيقة كتير والناس ما شفقانة علينا وبيضلو يقولو السوريين عندهم أمم (مسجلين بمفوضية اللاجئين ويحصلون على مساعدات) ومانهن عارفين إنو في كتير ناس انفصلت وما عم يوصلنا شي”

مؤخراً قامت مجموعةٌ من النّاشطين ممن استطاعوا الحصول على تفويضٍ من منظّماتهم أن يدخلوا ويوزعوا بعض المساعدات والّتي لاتزال غير كافيةٍ ولا تسدّ الحاجة للمخيمات.

تقول ر.م اللاجئة السّوريّة المعيلة لأربعة أطفالٍ إناثٍ  بعد أن توفي زوجها في معتقلات النّظام : ” المحلات مسكرة وفي دوريات بالشارع ما عم نشوف ولاد بالشارع متل قبل والناس ملتزمة بخيامها وبيوتها ومعظم المنظمات عم تشتغل توعية وما عاد نزلو عملو نشاطات بالمخيمات والمشكلة إنو الناس حتى لو اتوعت إذا ما كان عندهم مواد التعقيم والتنظيف ما رح يستفادو، والكل بلا شغل وما قادر يأمن أكل وشرب ليقدر يأمن مواد تعقيم وفي تضييق عالمخيمات أكتر من باقي الضيع يعني مثلا كل مخيم شخص واحد بيطلع يجيب الغراض وفي أشياء خاصّة بالنساء ما بيمشي الحال يوصو عليها الرجال وهي كتير صعبة عليهن”

ولعلّ الوضع المتردي صحيّاً، واقتصاديّاً؛ ظهرت أولى نتائجه بقيام لاجئٍ سوريٍّ اسمه بسام الحلاق بإضرام النّار بنفسه في منطقة تعلبايا في لبنان  بتاريخ 5/4/2020 أمام مقرٍّ تستخدمه مفوضية اللاجئين في المنطقة.[1]

وبناءاً على العرض السّابق، تجد المنصّة المدنيّة السّوريّة أن اللاجئين السّوريين في لبنان هم الأكثر تأثراً بتفشي فيروس كورونا، نظراً لكونهم يسكنون في مخيماتٍ غير مجهّزةٍ، ولا تتوافر لديهم أدنى الشّروط للعزل الاجتماعيّ، فضلاً عن عدم توافر أدوات التّعقيم والنّظافة. كما أن إجراءات العزل وما تتضمّنه من حظرٍ للتجوال، وإيقاف الأنشطة الاقتصاديّة، وعدم وصول المساعدات الإنسانيّة العينيّة والنّقديّة إلى  المخيمات وتكثيفها ينذر بأزمةٍ غذائيّةٍ بين اللاجئين.

وعليه تدعو المنصّة المدنيّة السّوريّة، المفوضية السّاميّة للاجئين بالاضطلاع بمسؤليتها تجاه اللاجئين في المخيمات؛ لا سيّما أنّ الحكومة اللّبنانيّة كانت قد صرّحت أن تفشي الوباء في لبنان يتجاوز قدرتها على مواجهته.

  • حيث يتوجّب الاستمرار في توزيع الإغاثة وتكثيفها للاجئين في لبنان بما فيهم أولئك الّذين تمّ فصلهم مؤخراً من برنامج المساعدات التّابع للمفوضية.
  • العمل مع المنظّمات الإنسانيّة والطّبّيّة لتكثيف مساعداتهم بما يخصّ أدوات الوقاية والحماية من فيروس كورونا، وإقامة خيم عزلٍ وخيم رعايةٍ طبّيّةٍداخل كلّ مخيمٍ في لبنان.
  • ضرورة الاستفادة من الخبرات الموجودة من أطباءٍ وممرضين ومتطوعين سوريين مستعدين لتقديم الخدمات في المخيمات، والّتي لم يتمّ الاستفادة منها إلى الآن.

كما ونرجو من الدّول المانحة بضرورة زيادة مساعداتهم الغذائيّة والصّحيّة بشكلٍ أكبر للمخيمات في لبنان.


[1] – فيديو يوثّق إحراق اللاجئ السّوريّ لنفسه أمام مقرٍّ تستخدمه مفوضية اللاجئين: https://drive.google.com/file/d/1lDtzCcFkKtNvej7HNOvZGIV3NW8wdqFf/view?usp=sharing