“تحديث وضع”

5 أيّار 2019

شهدت مناطق سيطرة النظام السوريّ منذ تاريخ 10 آذار نقصاً حادّاً في مادّة البنزين من الأسواق، الأمر الذي أدّى إلى ازدحام خانق على نقاط توزيع المحروقات، ممّا دفع الحكومة السوريّة  إلى اتّخاذ إجراءات لتنظيم هذا النقص عن طريق تحديد الكمّيات التي يتمّ توزيعها للسيّارة الواحدة، بالإضافة إلى بدئها بتحرير سعر ليتر المازوت خارج البطاقة الذكيّة التي أطلقتها للمواطنين مؤخّراً، ويباع الليتر الواحد بــ 600 ليرة ، بالإضافة على تخفيض مخصّصات القطاع العامّ من الوقود إلى النصف، ولكن هذه الإجراءات جميعها كان تأثيرها محدوداً جداً وغير ملموس.

وبالتزامن مع النقص الحادّ في مادة البنزين، شهدت الأسواق السوريّة ارتفاعاً في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السوريّة، حيث ارتفع الدولار حوالي ثلاثين ليرة سوريّة من /530 إلى /560/ ل س.

يحاول هذا التقرير الإضاءة على التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على السكّان في مناطق سيطرة النظام.

تأثيرات نقص مادة البنزين في السوق: أدّى نقص مادة البنزين وارتفاع سعر الدولار إلى:

  • ارتفاع في أجور النقل بالعموم، وصعوبة في توافر النقل العامّ، بما فيها قدرة المواطنين على التنقّل.
  • كان للارتفاع تأثير على سهولة الوصول إلى المراكز الطبّية من قِبَل المواطنين، كما أدّت إلى شبه تعطّل لسيارات الإسعاف، بما فيها سيّارات الهلال الأحمر السوريّ.
  • شبه شلل أصاب شوارع العاصمة دمشق.
  • توقّف المنظمات الإغاثية عن العمل الميدانيّ بسبب أزمة البنزين؛ وقد استمرّ هذا التوقّف لمدّة أسبوع كامل هو الأسبوع الثالث من نيسان، ولكن هذه المنظمات عادت للعمل الميدانيّ جميعها مع التحسّن في توافر البنزين في دمشق. إلا أنّ هذه الأزمة مازالت مستمرّة في بعض المحافظات، السويداء مثلاً، حيث يمكن أن يتراوح الانتظار في محطّات البنزين لمدة عشر ساعات من أجل تعبئة ٢٠ لتر بنزين فقط .
  • يُضاف إليها معاناة الموظفين كافة من مشاكل كبيرة للوصول إلى مقرّات عملهم بسبب توقّف عدد كبير من سيارات الخدمة العامة عن العمل لعدم وجود البنزين والمازوت.

تقول ي.س “إنتي متصورة الشام تفضى الشوارع ما فيها حدا، تسعة ونص بتصير مدينة أشباح ولا تفكري إنو عنجد ما في بنزين إذا بتدفعي زيادة أو بتعرفي عنصر أمن بتجيبي بنزين قد ما بدك “


  • ارتفاع الأسعار طال المواد الغذائية الأساسية بشكل خاص (الزيت، والرز، والقهوة، والشاي، واللحمة)، بالإضافة إلى الخضار، حيث تجاوز ارتفاع أسعار السلع الأساسية الـــ 100% مقارنة مع بداية العام، أمّا في الشهر الحالي، فقد وصلت نسبة ارتفاع الأسعار إلى 30%، وحسب تصريح وزارة النقل الأخير بأن سعر الــ 100 ليتر الأولى من البنزين هي حسب السعر الرسميّ للبنزين ٢٢٥ ل س، بينما يرتفع بعد المئة الأولى إلى ٣٧٥ ل س لليتر الواحد. انعكس هذا الارتفاع على أسعار نقل الخضار وباقي المواد الغذائية. حيث وصل سعر البندورة في الأسواق ٤٧٥ ل س، وهو أول يوم رمضان بينما سعرها الاعتياديّ ١٥٠ ل س . كما نلاحظ مثلاً ارتفاع سعر مياه الفيجة سعة ٢٠ ليتر من ٢٠٠ ل س إلى ٣٠٠ ل س هذا الشهر.

صاحب محل خضار في دمشق يقول: “الناس عم تاخد الخضرة البايتة المهترية اللي كانت تروح على الكب الكوسايي قد كوع الصوبيا بيقسموها وبيحشوها، ما حدا عم ياخد لحمة ولا دبس بندورة، الناس عم تسلق المحشي سلق. عروض الأسعار على كل شي علبتين والثالثة ببلاش أو علبة بنص حقها، بس البضاعة مكدّسة وما حدا قادر يشتري شي.


  • انعكست هذه الأزمة بشكل سلبيّ ومضاعف على المهجّرين الذين يعانون بالأصل من الإيجارات المرتفعة،

تقول أ.س : “إنتي مو متخيلة القهر اللي عايشتوا الناس مو معقول شو عم يخنقونا ما بيكفي كل شي عم يصير فينا ولسا منظر طفل عم ياكل من الزبالة أو ختيار ماشي عم يشحد اللقمة وما يلاقيها شو بيعمل “


الخاتمة:

وعليه ترى المنصّة المدنيّة السوريّة أنّ استمرار هذه الأزمات الاقتصادية سيؤدّي مع قدوم شهر رمضان، إلى دخول البلاد في حالة من الركود الاقتصادي، نتيجة ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية في هذا الشهر، وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن السوريّ الذي لا يتجاوز متوسّط دخله 100 دولار في الشهر الواحد.

 كما أنها ستزيد من معاناة السوريين، وخاصّة النازحين، الأمر الذي سيؤدّي إلى زيادة حالات التسوّل لدى الأطفال، وأيضاً الذين يعملون في جمع القمامة، والأعمال الهامشية التي لا يكفي مردودها لسدّ الرمق.