اعتاد النظام السوري استخدام العصا الأمنية دوما ولم يكن زيارة كورونا له امر يمنعه من استخدامها بالرغم من انكار وجوده على أراضيه حيث استمر النظام باستقبال الرحلات الجوية القادمة من العراق وإيران دون إجراءات وقائية على الرغم من انتشار وتفشي كورونا فيهما الامر الذي تفاقم لاحقا لعزل منطقة الست زينب التي تعد المنطقة السياحية الدينية لتلك الدولتين.

تحاول هذه الورقة تسليط الضوء على الإجراءات الحكومية المتبعة في مواجهة الجائحة في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وكيفية تأثر الجائحة على المدنيين.

أولاً- الإمكانيات الطبية:

تم تسجيل اول إصابة بالفيروس في نهاية آذار الفائت، وأشار وزير الصحة في الحكومة التابعة للنظام السوري، في 21/4/2020 أن عدد المسحات التي اخذت 3850 منها 2115 حالة مشتبه بها تخرج 1898 حالة وبقي 217 حالة للمتابعة كما أشار إلى أن عدد الإصابات بالفيروس بلغ 39 إصابة، وعدد الوفيات 3، وحالات الشفاء 6 حالات. وأشار إلى أن الحالات المشتبه بها هي من دمشق وريفها مع نفي وجود أي إصابات في باقي المحافظات.

أما المراكز التي تم تجهيزها؛ هنالك 19 مركز للحجر الصحي و14 مركز عزل متوزعة على المحافظات في ظل تعتيم اعلامي عن أماكن وجودها خاصة بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي نداءات استنجاد لمسافرون تبين سوء مركز الحجر الصحي في الدوير.

ومع غياب المعلومات الحكومية عن جاهزية القطاع الصحي المتهالك أصلا نتيجة الوضع الاقتصادي الناجم عن الحرب الممتدة من منذ ما يقارب العشر سنوات، اقتصرت المعلومات على المساعدات المقدمة لدعم القطاع الصحي للنظام السوري، حيث صرح مصدر حكومي عن استقباله 50 جهاز تنفس اصطناعي و10 الاف اداه لاختبار الفيروس، وألف لباس واقي من روسيا، وألفي أداة اختبار من الصين. لكن غابت المعلومات عن التجهيزات الوقائية للكادر الطبي او عدد أجهزة التنفس الصناعي الموجودة في المشافي او القدرة الاستيعابية للمشافي.

ثانياً- الإجراءات الاحترازية:

اتخذت الحكومة السورية إجراءات مبكرة لمكافحة الفيروس (قبل تسجيل أي حالة بشكل رسمي)، ازدادت تدريجياً بعد تسجيل أول حالة إصابة،  حيث تم إغلاق المدارس بدايةً، لتصل الى اغلاق كافة القطاعات التعليمية والأسواق والأنشطة التجارية والخدمات الاجتماعية، كما تم إغلاق الحدود ومنع دخول الأجانب. ومن ثم تم فرض حظر التجوال من 6 مساءا وحتى السادسة صباحاً، وفي أيام العطل الأسبوعية من الساعة الثانية عشر ظهرا إلى السادسة صباحا. وإيقاف السفر بين المحافظات ومنع التنقل بين الريف ومركز المدينة الا بموافقات من المحافظ كما تم إيقاف وسائل النقل الداخلي. كما تم الحجر الكامل على المناطق التي يبرز فيها إصابات مؤكدة كالسيدة زينب، ومنين، التي تم اغلاقها بشكل كامل ومنع الدخول والخروج منها.

استثنى من هذه القرارات القطاعات الإنتاجية والافران ومحلات بيع المواد الغذائية والتموينية والصيدليات والمراكز الصحية، إضافة الى القطاعات العسكرية والأمنية والطبية،

أما إلتزم السكان بشكل مقبول بالحجر المسائي ولكن المشكلة ظهرت في الساعات المسموح فيها بالتنقل حيث ان الإجراءات الوقائية لم تتخذ، وشوهد الاكتظاظ في الساعات المسموح فيها التنقل على المحال الغذائية ولدى موزعي الخبز بدون أي مسافات أمان أو مواد تعقيم، كما ان اعتماد البطاقة الذكية لتوزيع المواد التموينية والخبز  خلق معاناة وحالات ازدحام شديدة للمواطنين يبررونه بالحاجة الماسة والخوف من استمرار ما يسمونه “أزمة كورونا” حيث ينبا الوضع بانفجار الازمة بحال استمر الوضع بدون استجابة قويمة بأدوات جيدة لهذه الأزمة.

العمل المدني: أدت هذه الحالة بالمنظمات والفرق المدنية وبعض المبادرات المحلية؛ للعمل على المساهمة بالحد من انتشار الوباء، فقامت بتوزيع المواد الإغاثية أو مواد التعقيم وانتشرت عدة مبادرات توعوية على صفحات مواقع التواصل التي تعمل بجهد كبير لنشر إجراءات الوقاية السليمة وتسليط الضوء على الفئات التي تحتاج دعماً اجتماعياً لتجاوز هذه المرحلة الصعبة ولكي تستطيع الالتزام بالحجر المنزلي. تبقى هذه المبادرات غير كافية حيث أنها تعتمد على تبرعات صغيرة لا تكفي الحاجة، بالإضافة لتواجد قيود من قبل الحكومة، وما ينطوي عليه من شبح الخطر الأمني في كل حركة يقومون بها وتبقى مساحة الحركة الأكثر اتساعا للهلال الأحمر السوري الذي يقوم بمبادرات إغاثية وتنظيمية في مناطق متفرقة بالإضافة لبعض المنظمات المرخصة.

ثالثاً- الآثار الناجمة عن إجراءات الحجر:

بدء انقطاع بعض السلع من الأسواق وارتفعت الأسعار بشكل مضاعف مع غياب مراقبة من إدارة التموين واحتكار العديد من السلع وخاصة المتعلقة بمواد التعقيم والتنظيف بالتزامن مع انتشار الغش فيها وأيضا بدون رقابة، فباتت الشجارات أمام أماكن التوزيع للخبز والمتاجر ظاهرة عادية والتصريح، كما بدأت تظهر بوادر التمييز ضد النازحين بمقولة “ولاد البلد أولى” شيئا عاديا كما لوحظ أيضا ارتفاع لحالات العنف المنزلي ضد النساء والأطفال وانتشار سرقة السيارات والمحال التجارية في عدة مناطق من دمشق وريفها كل هذا ينبئ بأزمات وصراعات جديدة.

ومع عدم مراعاة الحكومة السورية الازمة الاقتصادية التي يعانيها السكان ازدادت ضائقة السوريين/ات ضمن عدم اتخاذ أي إجراءات تساهم وتعوض عليهم فقدان مصادر رزقهم بشكل عادل حيث تأثر بشكل مباشر من هذه الإجراءات العمال المياومين والمرضى والايتام وشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ….. الخ

تقول ر. ح نازحة وتعمل على عربة خضار: “إذا ما متنا من كورونا رح نموت من الجوع، حق الكمامة بطعمي اليتامى اللي برقبتي، اليوم عندي 3 بنات وصبي والله هدول بمسؤوليتي من وقت مات أبوهم وبدي طعميهم وسقيهم وادفع آجار البيت هي البلد ما ضل فيها رحمة وكوني متأكدة إني إذا بقعد البيت وما بنزل عالشغل وما بدفع الأجار بنام أنا وولادي بالشارع بعدين والنومة بالشارع بجبلنا كورونا كمان يعني هي متكلين ع الله يترأف فينا”

ربطت الحكومة السورية ازمة كورونا بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ووجهت نداءات لرفع العقوبات عنها لتستطيع التصدي للوباء واثمرت نداءاتها بنتيجة حيث أعلنت أمريكا في 22 نيسان عن تخفيف العقوبات الاقتصادية على بعض الدول ومنها سوريا علما ان القطاع الصحي غير مستهدف بشكل مباشر بتلك العقوبات

أما الوجع الذي لا يغيب يوما عن بيوت السوريين منذ بدء الحرب (المعتقلين والمخفيين قسرا) فلم يقدم لهم المرسوم6/2020 حلا كافيا إذ أن القدرة على الاستفادة من المرسوم لإطلاق سراح المعتقلين تشمل فقط الذين صدر بحقهم حكم وقادرين على دفع الكفالة لإطلاق السراح أما المحتجزين في الأفرع الأمنية والمخفيين قسرا الذي لا يصرح النظام عن احتجازهم لديه والمحولون للمحاكم الميدانية غير مشمولين

التوصيات:

وبناء على ما تقدم توصي المنصة المدنية السورية:

  • اتاحة الوصول لكل المعلومات المتعلقة بانتشار الوباء في سوريا وخطط احتوائه.
  • تقديم الدعم وأدوات الوقاية للكوادر الطبية.
  • تجهيز المشافي بأجهزة التنفس الصناعي والأجهزة الطبية الأخرى التي تحسن الاستجابة للمرض.
  • تحسين الإجراءات التي يتبعها النظام السوري ووضع آليات تطبيق وآليات مراقبة فعالة.
  • الاستجابة لاحتياجات الفئات الأكثر تضررا كالعمال المياومين والنازحين وأصحاب الأمراض المزمنة والمسنين.
  • مراقبة الأسواق ومنع الاحتكار والغش.
  • إطلاق سراح المعتقلين حماية لهم من انتشار الوباء.
  • إجراءات أكبر لحماية النساء والأطفال من العنف الأسري.