٢٦ نيسان٢٠٢٠

يُعتبر الانعزال والتّباعد والاجتماعيّ، وموادّ التّعقيم والكمامات، من أهمّ الإجراءات الأساسيّة المتّبعة لمواجهة فيروس كورونا في كلّ العالم، وفي متناول الجميع، وللأسف هذان الشّرطان لاينطبقان على معظم السّوريين في مخيمات اللّجوء خارج سوريا. 

حيث تعدّ مخيمات اللّاجئين السّوريين بيئةً خصبةً لانتشار فيروس كوفيد١٩ –في حال انتشاره- لأنها من المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسّكّان، حيث تجاوزعدد المقيمين في الكيلو متر المربع الواحد ما بين 60 إلى 70 ألف نسمةٍ، كما ويعيش داخل كلّ خيمةٍ مابين 6 إلى 12 فرداً.

مريم مهندسةٌ زراعيّةٌ تعيش في مخيم الزّعتري؛ الّذي يعيش فيه أكثر من 80 ألف نسمةٍ في مساحةٍ لا تتجاوز٢كم، تقول: “أعيش أنا وأطفالي الخمسة وأمّ زوجي في كرفان لا يتجاوز مساحته 20 م مربع ضمن آلاف الكرفان والخيم المكتظة والمتلاصقة بعضها إلى بعضٍ لا يفصلها إلا قطعة صفيح او قماش ، فكيف يمكن حماية أنفسنا؟! وتطبيق ما يرد في الإعلام حول التّباعد والاجتماعيّ، وتأمين الموادّ الوقائيّة ذات الفاعليّة مع العلم أننا نقف لساعاتٍ في الصّفّ لنستخدم الحمامات أو لنحصل على الماء”. 

يعيش اليوم أكثر من سبعة ملايين لاجئٍ سوريٍّ، حسب الإحصائيّات التّقديريّة في دول الجوار، يعيش معظمهم ضمن مخيماتٍ أو في بيوتٍ من صفيحٍ أو شققٍ مستأجرةٍ، حيث يصعب الوصول إلى أرقامٍ دقيقةٍ تحدّد توزع وإقامة اللّاجئين، وتضمن عمليّة الدّعم والمتابعة الصّحيّة والوقائيّة لهم.

كما وظهرت عدّة مشاكلٍ إلى جانب خطر فيروس كوفيد ١٩ بسبب الحظر الصّحيّ المفروض، وعلى رأسها النّقص الحادّ للموادّ الغذائيّة في المخيمات، بسبب توقّف المنظّمات عن العمل، وعدم القدرة على الوصول لأماكن بيع الموادّ الغذائيّة بسبب الحظر، إضافةً لعجز اللاجئين ممّن يعيشون خارج المخيمات -أغلبهم غير مسجّلٍ لدى مفوضية اللاجئين- عن دفع النّفقات المترتّبة عليهم بسبب توقّف سوق العمل، ممّا يضعهم أمام تحدّياتٍ مستقبليّةٍ خطرةٍ؛ منها عجزهم عن دفع مستحقات السّكن، وتأمين الموادّ الغذائيّة، فضلاً عن الطّبابة اللازمة لهم ولأسرهم، وعجزهم عن تأمين سكنٍ بديلٍ في المخيمات بسبب اكتظاظ الأخيرة بالسّكّان. 

كما يخشى اللّاجئون السّوريون من القيود والإجراءات التّمييزيّة الّتي فُرضت عليهم، والّتي لا تتشابه مع تلك المفروضة على السّكّان المحليين، وتقييد حركتهم وحركة وصول الدّعم الإغاثيّ والطّبّيّ والفِرق الإرشاديّة والتوعويّة، والكشف المبكر عن الإصابة، وأيضاً الوصول إلى المعلومات الوقائيّة والحصول عليها. 

وعلى ضوء ما يحدث تحذّر المِنصّة المدنيّة السّوريّة؛ أنّ الجائحة تؤثّر على اللّاجئين بشكلٍ مباشرٍ، وتزيد من معاناتهم، وتقلّل من قدرتهم على الوصول للخدمات؛ وخصوصاً تلك الّتي تجنّبهم خطر الإصابة بفايروس كورونا، ولذلك نحاول في المِنصّة المدنيّة السّوريّة مشاركة حكومات دول الجوار من سوريا بمجموعة توصياتٍ لزيادة فاعليتها في مكافحة الفيروس، وبشكلٍ خاصٍّ في مخيمات اللّاجئين:  

  • عدم التّمييز في بعض المناطق بين اللّاجئين والسّكّان المحليين في الإجراءات المتّبعة حول آليات الحظر والتّنقل للوصول إلى الموارد الطّبّيّة والغذائيّة. 
  • تسهيل حركة المنظّمات الدّوليّة والمحليّة ومنحهم تصاريح خاصّةٍ تسهل وصولهم لعموم اللّاجئين السّوريين.
  • التّخفيض الفوريّ للازدحام من خلال توسيع المخيمات أو تأسيس مخيماتٍ جديدةٍ. 
  • زيادة عدد دورات المياه والموادّ التّنظيفيّة والوقائيّة. 
  • وضع الإجراءات القانونيّة لتسجيل عموم اللّاجئين في المفوضيّة السّاميّة للحصول على الخدمات الطّبّيّة والمساعدات الغذائيّة. 
  • تفعيل آليات الشّفافيّة والسّماح بالوصول للمعلومات المطلوبة حول أوضاع اللّاجئين ومراقبة وضعهم الصّحيّ.  

كما وتناشد المِنصّة المدنيّة السّوريّة المجتمع الدّوليّ ومنظّماته الإغاثيّة والطّبّيّة للتحرك الفوريّ، وتقديم المساعدات المطلوبة للنازحين واللّاجئين، ودعم الحكومات المحليّة ومنظّماتها في كلٍّ من الأردن، ولبنان، وتركيا، وكردستان، واليونان، وتخصيص فريق متابعةٍ وإنقاذٍ تابعٍ للأمم المتّحدة، يشرف على أوضاع النّازحين، ويضع الخطط اللازمة لتقديم الدّعم والمساعدة الّتي تساهم في السّلامة المجتمعيّة لسكّان المخيمات: 

  • تخصيص مساعداتٍ عاجلةٍ حول أجهزة الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس كورونا بالإضافة للموادّ الطّبّيّة والوقائيّة. 
  • دعم المنظّمات والحكومات المحليّة في دول الجوار من سوريا، وزيادة حجم المساعدات المقدّمة. 
  • تخصيص فريق طبّيٍّ تابعٍ للأمم المتّحدة، يضع السّياسات العامّة حول الاحتياجات والضّرورات المطلوبة لحماية اللّاجئين من خطر الإصابة بفيروس كورونا. 
  • الكشف عن مصير اللاجئين السّوريين وغيرهم في الجزر الخمس اليونانيّة، ومحاولة نقلهم وتقديم الدّعم المطلوب لحمايتهم، وتجنيبهم خطر الإصابة. 
  • الضّغط على الحكومات المحليّة في دول الجوار من سوريا واليونان، لاعتماد الشّفافيّة حول وضع المخيمات، واللّاجئين وعدد الإصابات ونوعيّة الاحتياجات.