-تقرير وضع-

واقع حال المدنيّين الفارّين من دير الزور باتّجاه مخيّم السدّ في ريف الحسكة

12.8.2017

إن ازدياد وتيرة العمليّات العسكرية مؤخّراً على دير الزور واشتداد القصف ، أدّى إلى زيادة في حركة نزوح المدنيّين باتّجاه ريف الحسكة الجنوبي الواقع تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية، والذي تزامن مع صدور  قرار لتنظيم الدولة الإسلامية بوجوب تجنيد الشباب بين عمر 20-30 عاماً. يحاول هذا التقرير أن يسلّط الضوء على وضع المدنيّين الفارّين إلى مناطق قوات سورية الديموقراطية، وأماكن تجمّعهم.

أوّلاً- طريق الخروج:

يفرض تنظيم الدولة الإسلامية حظراً كاملاً على خروج المدنييّن من المحافظة؛ ممّا يضطرّ المدنيّين الراغبين بالفرار للاستعانة بالمهرّبين الذين يقومون باستغلال الحاجة، حيث تصل كلفة إخراج الشخص الواحد من مناطق داعش  إلى مناطق قسد  في بعض الأحيان لما يقارب من 1000$ أميريكي، وفي بعض الأحيان تكون رحلة الخروج محفوفة بالمخاطر والتهديدات نتيجة لانتشار حقول الألغام، أو الخوف من عناصر التنظيم.

بعض الفارّين قالوا لنا إنهم سلكوا طرقاً عسيرة عبر البادية في رحلة قد تستمرّ 48 ساعة محفوفة بالتهديدات. في قرية أبو خشب في وسط البادية يوجد أول حاجز لقوات سورية الديمقراطية، حيث يتمّ تجميع المدنيين في سيارات وشاحنات لتوزيعهم على المخيّمات بشكل إجباري وعشوائي. بالإضافة إلى أن المدنيّين الفارّين يدفعون تكلفة تصل إلى 4000 ليرة سورية للشخص الواحد، وهي أجرة النقل إلى مخيّم السدّ.

 

ثانياً- مخيّم السدّ:

يقع مخيّم السدّ جنوب مدينة الحسكة، ويبعد عنها  20 كم تقريباً، ويبعد عن قرية العريشة 3 كم تقريباً. المخيّم عبارة عن أرض فارغة في بادية قاحلة لا تتوافر فيها أدنى مقوّمات الحياة، ويحوي قرابة 400 خيمة، ويقدّر عدد النازحين المدنيّين فيه قرابة  5000 مدنيّ، ويُشار إلى أن أرض المخيّم الحالية، كانت سابقاً عبارة عن مركز لتكرير النفط الخام (حرّاقات)، الأمر الذي يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض السرطانية والأوبئة.

  • الوضع العامّ في المخيّم:
  • يدخل الناس إلى المخيّم بشكل إجباريّ، ولا يُسمح لهم بالمغادرة، حيث تتمّ مصادرة هويّاتهم وأوراقهم الثبوتية فور دخولهم للمخيّم.
  • نتيجة الوضع في المخيّم حدثت تهديدات كلامية من إدارة المخيّم العسكرية نتيجة مطالبة النازحين بالسماح لهم بالخروج، والتي غالباً ما تُقابَل بالتهديد بإعادتهم إلى مناطق سيطرة داعش، الأمر الذي ترتّب عليه عمليّات هروب بشكل يومي، وفي حال الإمساك بالهاربين تتمّ إعادتهم إلى المخيّم أو اعتقالهم.
  • في حال أراد الشخص دخول مدينة الحسكة يتوجّب عليه دفع مبلغ يصل إلى 100.000 ليرة للخروج من المخيّم، ويتوجّب عليه إحضار كفيل، يمتلك عقارا في مدينة الحسكة، هذا الواقع جعل كثيرَا من الأُسر المقيمة في الحسكة منذ سنوات لا تستطيع استقبال باقي أفراد عائلاتها الهاربين من الموت لعدم امتلاكهم عقاراً في الحسكة .
  • وبالنسبة للذين يرغبون بالمغادرة إلى مناطق أخرى ( منبج – الباب – اعزاز – …..) فيتوجّب عليهم دفع مبالغ طائلة حيث تصل كلفة الانتقال من حي النشوة في مدينة الحسكة إلى مدينة منبج إلى 75.000 ليرة سوريّة، بما فيها ما يتمّ دفعه لحواجز قسد المتواجدة على الطريق على شكل رسوم عبور .

 

  • الخدمات الأساسيّة في المخيّم
  • المياه التي تصل للمخيّم هي مياه غير صالحة للاستخدام؛ كونها تأتي من سدّ تجميع قريب (سدّ الباسل) فضلاً عن تلوّثها بمخلّفات تكرير النفط. وكمّيات المياه التي تدخل المخيّم لا تكفي حاجة 10% من المدنيّين في المخيّم، حيث لا تتجاوز كميّة المياه المدخلة يومياً أكثر من 30 برميلاً.

أمّا مياه الشرب فيضطرّ الناس لشرائها من باعة من أهالي القرى المجاورة بأسعار عالية جداً؛ حيث يصل ثمن عبوة المياه الواحدة (2 لتر) إلى ما يقارب 200 ليرة سورية .

  • لا يوجد في المخيّم أيّ مرافق خدميّة، حيث ليس هناك دورات مياه أو حمّامات نهائياً، وهو ما يشكّل وضعاً كارثياً، خصوصاً للنساء، والذي يزيد الأمر سوءاً، هو تحوّل الممرّات بين الخيام إلى دورات مياه عامّة في العراء، الامر الذي يترتّب عليه انتشار الروائح الكريهة والأمراض بين سكّان المخيّم .
  • لايوجد في المخيّم كهرباء نهائياً، إذ يقوم الناس بشحن جوّالاتهم من سيارات تأتي للمخيّم من أهالي القرى القريبة والمتفقين أصلاً مع إدارة المخيّم والقوة المسيطرة (قسد)، حيث تصل تكلفة شحن الجوّال إلى 100 ليرة سورية.
  • الخدمات الطبّية: توجد نقطة طبّية لا تقدّم أي خدمة طبّية تذكر رغم وجود حالات تستدعي العلاج والتدخّل الطبّي العاجل (ولادة، جلطات، إصابات حروب ، …الخ)، وبالمقابل لا يُسمح للمدنيّين الطالبين للعلاج بالخروج من المخيّم الذي أسفر عن وقوع حالات وفاة بين المدنيّين .
  • كما تنتشر في المخيّم حالات (الجرب، القمل، الإسهالات،….الخ) خصوصاً بين الأطفال بسبب غياب النظافة والرعاية الطبّية.
  • الوضع الإغاثي: لا توجد منظّمات إغاثية عاملة في المخيّم بشكل كافٍ، حيث توجد منظمة واحدة تقدّم معونات غذائية بسيطة وعلى فترات متباعدة .

التوصيات  

  1. العمل على تغيير مكان المخيّم بشكل ملحّ وعاجل بسبب تمركز المخيّم في أماكن سابقة لتكرير النفط (ممّا يعني وجود تربة ملوّثة إشعاعياً وبيئة محيطة ملوّثة، والذي سيؤثّر بشكل كبير على النساء والأطفال والرجال المتواجدين ضمن المخيّم).
  2. وضع المخيم تحت إشراف منظّمات أو جهات دولية.
  3. تسهيل عبور المدنيّين الفارّين وعدم إجبارهم على البقاء في المخيّمات المؤقّتة المنشأة، كما يجب تنظيم عملية حجز الأوراق الرسمية للفارّين بشكل قانوني يحترم ويصون كرامة الناس.
  4. العمل على تأمين وسائل للنقل تسهّل رحلة هروب المدنيّين الفارّين من مناطق سيطرة داعش إلى مناطق أكثر أمناً كمناطق قوات سوريا الديمقراطية (حيث تستمرّ رحلة الهروب 48 ساعة ).
  5. العمل على توفير الاحتياجات الأساسية اللازمة لحفظ كرامة المدنيّين الفارّين من غذاء وماء وكهرباء ومستلزمات طبخ و خِيَم. وعلى الدول الداعمة والأمم المتحدة تكثيف مساعدتها للمدنيّين، وخاصة الدول المشاركة في العمليات العسكرية ضدّ داعش.
  6. العمل على إنشاء وحدات مياه وإصحاح بشكل عاجل في المخيّم(حيث يتمّ قضاء الحاجة بين الخِيَم ولا تتوافر مياه صالحة للشرب والاستحمام).
  7. العمل على إنشاء نقطة طبّية في المخيّم، تعمل على تقديم الخدمات الصحّية للنازحين وتوفّر اللقاحات للأطفال.
  8. السماح بحرّية الحركة من وإلى المخيّم وخصوصاً في الحالات الطبّية الحَرِجة.

لتحميل التقرير بصيغة PDF من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *