يتقاسم كلٌّ من النظام السوريّ وتنظيم الدولة الإسلاميّة السيطرة على محافظة دير الزور، فتقدُّم تنظيم الدولة وتعاظُم قوّته أدّى إلى انحسار سيطرة النظام السوريّ إلى ما يُقارب 2% من المحافظة، وسيطرة التنظيم المتشدّد على كامل المحافظة.
تحاول هذه الورقة إعطاء صورة عن واقع المدنيّين في المحافظة في كلٍّ من منطقتي السيطرة، وتحاول أن تقدّم توصيفاً حول الوضع المعيشيّ، والصحّي، والتعليميّ القائم.

 

أوّلاً- توزّع السكّان بحسب مناطق السيطرة:
حيث تتركّز سيطرة النظام على مناطق أحياء غرب البلد في: (الجورة، والقصور، وقسم من البغيليّة) وأحياء شرق البلد في: ( هرابش، وقسم من حيّ الصناعة، والجفرة). يقدّر عدد المدنيّين في هذه المناطق بــ 150 ألف نسمة. أمّا في مناطق سيطرة تنظيم الدولة فيُقدَّر عدد المدنيّين القاطنين في أحياء المدينة بـ 3000 نسمة، وفي مناطق الريف بأكثر من 600 ألف نسمة .

 

ثانياً- الواقع الصحّيّ في المحافظة :
– مناطق سيطرة النظام : ليس هناك أكثر من نقطتين طبّيتين هما:
• مشفى الأسد ( طريق دمشق ) وهو شبه خارج الخدمة.
• المشفى العسكريّ وهو المشفى الوحيد الذي يقدّم خدمات طبيّة في المدينة، وأغلبها للعسكريّين والدفاع الوطنيّ.
حيث يعاني القطاع الطبّي من:
• الافتقاد إلى الكثير من مقوّمات الخدمة الصحيّة الأوّليّة.
• التعرّض للقذائف من قِبَل داعش.
• النقص الحادّ في الكوادر والأدوية والمستلزمات والمعدّات الطبيّة.
• عدم استقبال المدنيّين لأنّ الأولويّة لمعالجة الجرحى من الجيش والمليشيات والفساد.
الأمر الذي ترتّب عليه انتشار واسع للأمراض من مثل: (العشى الليلي، والقصور الكلويّ، وسوء التغذية، والتهابات الكبد، والحمى التيفيّة، والجَرَب، والقمل) .

– أمّا مناطق داعش
المدينة : (هنالك نقطتان طبّيّتان وهما) :
• مشفى السعيد: وهو المشفى الوحيد بإمكانيّات معدومة.
• مركز طبّي للاستشفاء.
الريف :
• في الريف الشرقيّ يوجد مستوصفات في كل من : (حطلة والصُّوَر والعشارة والشحيل والبصيرة والصالحية والبوليل).
• أمّا مدينة الميادين فيوجد فيها عدد من المشافي، وهي الجهة الأكثر قدرة على تقديم الخدمات الطبّية للمدنيّين. ويوجد مشفى الطبّ الحديث، وقد تمّ قصفه منذ فترة قريبة، ومشفى النور ومشفى السلامة، بالإضافة إلى العيادات الخاصّة والمشافي خاصّة.
• في البوكمال يوجد مشفى صغير .
• أمّا الريف الغربيّ (الكسرة والتبني ومعدان) فتعتمد على مدينة الرقّة بسبب القرب، وتوفُّر الخدمات بصورة أفضل نوعاً ما، وذلك قبل التطوّرات الأخيرة لمعركة عزل الرقّة .
تفتقر هذه المراكز للخدمات الطبّية باستثناء البسيطة منها، بالإضافة لافتقارها للكوادر الطبّية والمستلزمات الطبّية الضروريّة، والأدويّة وبشكل خاصّ للأطفال ومرضى القلب والكلى.

 

ثالثاً- الواقع المعيشيّ:
– في مناطق سيطرة النظام :
• يعاني المدنيّون من حصار تامّ من قِبَل تنظيم الدولة الإسلاميّة، ويفتقدون المواد التموينيّة الأساسيّة والخضار والفواكه والزيوت. وكل ما يتوافر هو بعض السبانخ والسلق والفجل والبصل والطحين واللحم أحياناً. وهنالك ارتفاع خياليّ في الأسعار وصل إلى 500 % و أكثر.
• يفتقر السكّان للمياه الصالحة للشرب أو الاستخدام اليوميّ.
• مصادر الدخل للسكّان: هي الرواتب التي لا تفي بشراء أكثر من سلعة أو سلعتين مع حجم الأسعار الهائل، حيث يبلغ معدّل الرواتب 25 ألف ليرة سوريّة، بالإضافة إلى التحويلات الخارجيّة من الأقارب والأصدقاء، وهي قليلة جدّاً.
• هنالك استغلال من قِبَل تجّار الأزمات وشركاء أمراء الحرب والمستفيدين من الصراع.
• يقوم النظام بتوزيع مساعدات بسيطة غير كافية وفي الغالب تذهب إلى الرجال التابعين له.
• لا يوجد موادّ تدفئة، حيث تعاني المدينة من فقدان المحروقات والغاز والكهرباء، فيعتمد الناس على الخشب وقطع الأثاث للتدفئة.
– أمّا مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش): فهنالك توافر للموادّ الغذائيّة بمقابل ارتفاع للأسعار، وشبه انعدام للدخل.

 

رابعاً- الواقع التعليميّ في المحافظة :
– في مناطق سيطرة النظام: خرجت أغلب المدارس عن العمل لأسباب عدّة أهمها: مغادرة عدد كبير من الكادر التدريسيّ بسبب الوضع المعيشي السيّئ جدّاً نتيجة الحصار؛ وكذلك عزوف كثير من الطلاب عن الذهاب للمدارس بسبب عدم القدرة على تأمين مستلزمات الدراسة؛ وبسبب الوضع الصحّيّ المزري، حيث يعاني الكثير من الطلاب من مشاكل سوء التغذية والضعف العام نتيجة الجوع وانتشار الأمراض (التهاب الكبد)، كذلك تُعتبر الحالة الأمنية غير مساعدة بسبب سقوط القذائف المتكرّر على المدارس أثناء الدوام، بالإضافة إلى افتقاد المدارس لمقوّمات العمليّة التعليميّة مثل ( الماء والكهرباء والتدفئة ) .
– في مناطق سيطرة داعش : تكاد العمليّة التعليميّة أن تكون معدومة وذلك للأسباب التالية :
1. إغلاق جميع المدارس التي كانت قائمة من قِبل تنظيم الدولة واستبدالها بعدد قليل جداً من المدارس التي تقدّم خدمات تعليميّة للطلاب في الصفوف الأولى وفق مناهج جديدة اعتمدها التنظيم.
2. تضرّر عدد كبير من المدارس في المحافظة بشكل كامل أو جزئيّ بسبب الأعمال القتاليّة وتعرّضها المباشر للقصف الجوّي.
3. تعرّض أغلب المناطق في المحافظة للقصف اليوميّ، ممّا يعيق العمليّة التعليميّة ويصيبها بالشلل .
4. تحويل الكثير من المدارس المتبقّية إلى مراكز إيواء للنازحين.
5. افتقار هذه المناطق إلى الكادر التدريسيّ والتربويّ بسبب الهجرة خارج حدود الوطن نتيجة الحرب، واستهداف هذه الكوادر بالمضايقات من قِبل التنظيم .
هذا الواقع أفرز جملة من الحقائق المأساويّة أهمّها :
• انهيار المنظومة التعليميّة بشكل كامل في مناطق سيطرة التنظيم في المحافظة.
• تفشّي الجهل والأمّية بسبب عدم التحاق الطلاب بالمدارس.
• التحاق عدد لا بأس به من الأطفال في صفوف تنظيم الدولة بسبب الوضع الاقتصاديّ أو المغرَيات أو آليّات الترهيب التي يتّبعها التنظيم .

 

خامساً- التوصيات:

الواقع الصحّيّ
في مناطق سيطرة النظام :
▪ تحييد المشافي عن الأعمال العسكريّة.
▪ الضغط على النظام باتّجاه العمل على إنشاء نقاط صحّية جديدة تقدّم خدماتها للمدنيّين في الأبنية الفارغة والأقلّ خطورة ( بنك الدم – نادي الضباط -……. )
▪ الضغط على النظام لإدخال الأدوية والمستلزمات الطبّيّة، وخاصة النوعيّة منها،
▪ مع الإشارة إلى قدرة النظام على إدخال هذه المساعدات جوّاً عن طريق مطار دمشق أو مطار القامشلي.
▪ العمل على عزل النقاط الطبّية التي تُقدّم خدماتها للمدنيّين عن تلك العسكريّة.
▪ أمّا في مناطق سيطرة التنظيم :
▪ تحييد المشافي عن الأعمال العسكريّة.
▪ العمل على تأمين الأدوية النوعيّة الناقصة ( دواء زرع الكلى )، أسوة باللقاحات.
▪ العمل على الفصل بين مكافحة الإرهاب والانعكاسات السلبيّة على المدنيين نتيجة هذا القرار.

الواقع المعيشيّ
▪ في مناطق سيطرة النظام :
▪ العمل على تكثيف إدخال المواد الغذائيّة الضروريّة إلى مناطق سيطرة النظام، مع الإشارة إلى قدرة النظام على تنفيذ هذه الخطوة.
▪ العمل على توزيع الموادّ الغذائيّة على المدنيّين بشكل عادل وكافٍ ومجّانيّ
▪ تأمين مياه صالحة للشرب بشكل يوميّ من خلال استثمار المناهل المائيّة على نهر الفرات.
▪ العمل على إدخال موادّ التدفئة (المحروقات).
▪ في مناطق سيطرة التنظيم :
▪ فصل مكافحة الإرهاب عن الإضرار بالحياة اليوميّة للمدنيّين (معيشيّاً).
الواقع التعليميّ
في مناطق سيطرة النظام :
– إن تحسين الواقع التعليميّ مرتبط بشكل مباشر بتحسين الظروف المعيشيّة والصحّية والأمنية لهذه المناطق.
في مناطق سيطرة التنظيم :
– الواقع التعليميّ هو الأخطر على مستقبل المنطقة، وهذا يوجب بالضرورة وضع المجتمع الدوليّ أمام مسؤوليّته الأخلاقيّة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال الدفع باتّجاه حلّ سياسيّ.
– انتقال سياسيّ وفق القرارات الدوليّة، ومن ثمّ الالتفات إلى معالجة هذا الواقع على كافة الصُّعُد.

 

لتحميل الملف بصيغة PDF يرجى الضغط هنا

شاركنا بالتحرك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *